السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحق والثبات عليه في مواقف من حياة رسولنا الكريم
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يتهجد
قال : " اللهم لك الحمد أنت قيوم السموات والأرض ومن فيهن .
ولك الحمد أنت نور السموات والأرض ومن فيهن . ولك الحمد أنت الحق ، ووعدك الحق .
ولقاؤك حق . وقولك الحق . والجنة حق . والنار حق . والنبيون حق . ومحمد صلى الله عليه وسلم حق " .
والقرآن الكريم - وهو الحق الذي أنزل على محمد صلى الله وسلم – ما من أمر إلا وللحق فيه كلمة ،
وما من شأن إلا وللحق فيه تبصره وتذكرة . ومن عرف ربه خشيه ، ومن آمن اهتدى بهداه .
قال الله تعالى :
(( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون))
النحل 90
بهذه المبادئ جاء القرآن . . يأمر بالعدل والإحسان ، وينهى عن العدوان على كرامة الإنسان ونفسه وماله وعرضه . .
وجعل مهمة تحقيق العدل وحفظ الأمن مسؤولية الدولة في الإسلام ، كما هي مسؤولية كل إنسان في المجتمع . .
والرسول(صلى الله عليه وآله وسلم نراه يعمل على الدفاع عن الحق ونصرة المظلوم ،
كفرد في مجتمع ، وكنبي مبلغ للرسالة ، وكحاكم منفّذ للشريعة والقانون .
ويحدثنا التاريخ عن موقف إنساني فذ فريد للنبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل بعثته ،
أعطاه القيمة الكبرى بعد البعثة . . وهو موقفه في حلف الفضول . .
قال ابن هشام : وأما حلف الفضول فحدثني زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق قال :
تداعت قبائل من قريش إلى حلف فاجتمعوا له في دار عبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي ،
لشرفه وسنه فكان حلفهم عنده بنو هاشم ، وبنو المطلب ، وأسد بن عبد العزى . وزهرة بن كلاب ،
وتيم بن مرة فتعاقدوا وتعاهدوا على أن لا يجدوا بمكة مظلوما من أهلها وغيرهم ممن دخلها من سائر الناس
إلا قاموا معه وكانوا على من ظلمه حتى ترد عليه مظلمته
فقالت قريش : هذا فضول من الحلف ، فسمي حلف الفضول .
وهذه الوثيقة التاريخية تكشف لنا عن أبرز مبادئ الإسلام الإنسانية على المستوى الدولي ،
وهي نصرة المظلوم ، والدفاع عن الحق ، بغض النظر عن دين المظلوم ومذهبه وعشيرته وقوميته ووطنه .
و لا ننسى موقف الرسول الخالد الذي عَلم به الدنيا كلها كيف يكون الثبات على الحق,
والاستمساك بالعقيدة ,وذلك يوم قال :
" والله لو وضعوا الشمس في يميني,والقمر في يساري ,
على أن أترك هذا الأمر ما تركته , حتى يظهره الله أو أهلك دونه "..
ولا عجب ولا غرابة , فإن رسول الله ( ص ) الذي ثبت الله قلبه , وقواه وجعله راسخاً في ثباته كالجبال , فقام بأعباء الرسالة ,
ونشر الدعوة , وترك الدعوة , وترك الناس على المحجبة البيضاء ليلها كنهارها , لا يزيغ عنها إلا هالك . ولذلك يقول له رب العزة في سورة هود:
(( وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك , وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين ,وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون , وانتظروا إنا منتظرون , ولله غيب السموات والأرض ,
واليه يرجع الأمر كله , فاعبده وتوكل عليه , وما ربك بغافل عما تعملون )).
وقد دعا القرآن إلى ثبات القلوب وثبات الأقدام , وثبات الحس والنفس في ميدان النضال والجهاد ,
دعا الى "ثبات" الكلمة , وثبات الكلمة هو الإتيان بها على وجهها صادقة واضحة صريحة ,
يدعو إليها الحق , ويوجهها العدل , ويحث عليها الإنصاف .
ولذلك قال سيد الخلق رسول صلى الله عليه وسلم عليه الصلاة والسلام - :
" أفضل الجهاد كلمة حق عند إمام جائز "
ولقد قال الله تعالى :
(( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ,ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء)) .إبراهيم 27
وقال :
(( فاصبر إن وعد الله حق فإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا يرجعون ))